زئير

زئير
 كمموه بقناع الأكسجين ، صوت جهازه يشبه كركرة الشيشة ، يرفع القناع ويزفر الهواء كنفثات من الدخان ، يبتسم ، يضحك ، يتذكر رفاق المقهى ، تذهب أنفاسه بعيدا .. يضع القناع لاهثا نادما ، صدره ويده اليمنى معلقان (بالمونيتور) الذى يظهر رسم قلبه المتعب ..يعاود الكرة ، فى هذه المرة يرفع القناع .. ينادى :
- أنت ياللى بره !!
تهرول فتاة تتحلى بالجلد وتمتلك صفات نصف ملاك ، يسألها عن زوجته التى تأخرت عليه ، زاعقا ، تختفى نبراته أمام وداعة الممرضة، تؤكد أنها فىالطريق .
بأنفاس متقطعة يسأل عن وجبته ، تقدم له كوب العصير :
- سمحوا لك بالسوائل اليوم .
- أريد طعاما .
- خطر ياوالدى .
تدخل الزوجة المترهلة لاهثة ، فى جعبتها خيرات الله الممنوعة عليه .. يتأفف من الممرضة :
- خلاص .. زوجتى حضرت .
يتفحص شنطة الزوجة ، هبت رائحة الفرخة البلدية . أكل نصفها ، تفاحة تنزلق الى أمعائه وإصبعان من الموز .
هل تريد المزيد ؟
- خبئيه فى الدرج ، لعلى ….
- يلهث .. يفقد وعيه .. تركض .. يركضون ..
 stat  "ستات" ، كلمة واحدة تعنى الخطر الشديد ، بعد محاولات مستميتة يستقر ثانية معلقا بالأجهزة غائبا عن الوعى ، فى لحظات الإفاقة نظر لشاشة المونيتور ، رأى أسدا يجوب القفص ، ذبذبات قلبه أسياخا حديدية تمنعه من القفز خارج الشاشة .. يزأر :
- يا"أبلة" ياللى بره .
تهرول الممرضة :
- حمدا لله على سلامتك كنا فين وبقينا فين ،
ثائرا :
- أين المبولة ؟
تضعها .. تسحبها ، تهرول الزوجة اليه .
- أين كنت يا حرمة ؟
يتفتت ردها أمام وابل الشتائم ، تدمع ، تمضى من أمامه منهزمة ، تربت على كتفيها الممرضة :
- لا تحزنى هو لا يملك إلا صوته .
تمسح المرأة دمعة فارة ، قبل أن تستقر مقعدتها فوق الكرسى هرولت على زئيره مرة ثانية.
- أخرجوه إنه يختنق .
من ؟!
 - هناك .. محبوس
يشير الى المونيتور ، ذبذباته تعلو .. تهبط والرقم المكتوب يزيد ، اقتربت منه الممرضة .. همس :
- الأسد
- أين؟
سكن الصوت والجسد وعيناه تبحلقان إلى الشاشة أمامه ، كانت مجرد خطوط صماء وعلامة استفهام فى نهاية الخط بلون الملاءة البيضاء التى شدوها على وجهه . 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق