الفئران تقرض ذاكرتى !!
يتسلى بحبات السوداني .. ألقى ما بداخل عقله في غياهب المعتقل الخارج منه توا .
ألوك الصمت أمامه ، أتأمله و هو يراجع ما خطت أناملي التي تعزف الآن على أطراف مكتبه لحن التوتر الخالد ، عرفت هذا اللحن منذ رأيته ، أذناي تستعدان لسماع نهاية المعزوفة !
- سأحاول نشره.. سأبذل ما أستطيعه.. أنت تعرفين.... (نفسى تحدثنى : نعم أعرف.. إنه سلبي .. حقن بالخوف و الكره يبذل ما يستطيعه لتحطيم أى نجاح.)
رفعت رأسى أتأمله و هو يستعد للنطق بها ، فإذا بفأر كبير يجلس أمامى يلتقط حبات السودانى بذيله الرفيع و يلعب بأذنيه المستديرتين ، أسنانه الصغيرة المدببة ، صوته و هو يقرض السودانى أفزعنى تفصد جبينى ، عاودت النظر لمكتبه .. ارتطمت قدمى بالباب المغلق و أنا أعدو هربا .. منظره يقرض ذاكرتى ، يعريها عن أعوامى الخمسة و هى ترقد فى فراشى و على جسدى .. وقف الفأر يداعب بذيله وجهى .. قطرات عرقى تدخل لعينى تختلط مع الدمع المخنوق و الصرخة المكتومة .. مددت يدى فى رعب.. أفقت على طرقة يده على المكتب..يآه.. نفس الفأر الذى تسلل إلى فراشى فى أول يوم من شهر العسل. لم ينجح صدر زوجى ويده فى مسح حبات الذعر عن جبينى .
ألقيت خوفى ، حاولت النسيان.. لكن نملا يدب فى بدنى يفكك ذكرياتى المتجمدة .. قرأت أن الهند لا تقتل الفئران لأنها كائن حى.. والأمريكان صنعوا له أفلاما للتربح بل جعلوها نجوم هوليود.. الدانمارك قرروا تصديرها للدول النامية .. الميادين يتحلق فيها الناس حول صبى يبيع الفئران.. فى عرض خاص نظرت للفئران اقتربت من الدائرة كان الصبى يلقى بها فى برطمان ملىء بالماء.. الفأرة ترفع رأسها تقاوم تحمل صغيرها لأعلى يفلت منها كلما هز الولد البرطمان ، ظلت تقاوم حتى غرقا.. الصبى يبتسم .. يقهقه تذكرت ابتسامة رئيسى .. هذا الذى احكم كل المنافذ لذاكرتى.. أطلق فئرانه لتنتقم. فى طريقى للعمل، كل يد تقترب لمصافحتى ينتفض لها جسدى رعبا.
سأواجهه.. أعلن له غضبى و لو مرة .. صعدت لمكتبه ، لم أجده، بينما وجدت ما روعنى .
فأرا ملقى على الأرض ..ضامرا .. فوقه عقربان.. يلدغانه .. يلتهبان به.. عدت لمكتبى.. جلست.. استرحت لن ترتطم قدمى بالباب المغلق لن أركض للخلف.
أكتوبر /2000
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق